الصفحات

الأحد، 4 مارس 2012

هل يتم الطعن على "دستورية" الدستور القادم؟




صورة من موقع http://www.ennow.net/

    بدأت بالأمس رسمياً حلقة جديدة من حلقات العبث الذي نعيشه حالياً في مصر، حيث اجتمع المجلسان، الشعب والشورى في جلسة برلمانية مشتركة لتبدأ مناقشات تشكيل الجمعية التأسيسية المنوطة بوضع مشروع دستور مصر الجديد.. وذلك تحقيقاً لما ورد في  المادة 60 من الإعلان الدستوري التي يقول نصها:

"يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها ويُعرض المشروع ، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده على الشعب لاستفتائه في شأنه ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء."

وكما كان متوقعاً كانت الجلسة ساخنة واحتد النقاش بين نواب المجلسين كل حسب توجهاته، لكن الأمر العبثي بحق أن جل المناقشات دارت حول تشكيلة الأعضاء المائة المكونين للجمعية التأسيسية واشتد الخلاف حول نسبة الأعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشورى ونسبة الأعضاء المختارين من الخارج..!

والحقيقة المفزعة والتي لم يلتفت إليها أحد للأسف، أنه لو تم اختيار عضو واحد من مجلس الشعب أو الشورى داخل الجمعية التأسيسية لأصبح الدستور الجديد باطلاً حتى ولو تم الاستفتاء الشعبي عليه..!
  
ولتوضيح المسألة، دعونا نفترض أن الجمعية التأسيسية تشكلت بنسبة 40 عضواً منتخباً من البرلمان وباقي المائة مختارون من خارج البرلمان.

فهنا سيصبح هؤلاء الأربعون عضواً قد اكتسبوا صفة يمكن أن نسميها "الازدواج الانتخابي"، فبطبيعة الحال هم قد أعطوا أصواتهم لأنفسهم كي يتم انتخابهم وفي نفس الوقت شاركوا في التصويت لاختيار الستين الباقين.. وهنا مكمن الخطأ..!

فلا يستقيم أن تكون نسبة "الأربعين" شاركت في اختيار نسبة "الستين"، وإن حدث ذلك فستكون جمعية "المائة" ميزانها مختل ولا يحظى كل عضو فيها بقدر متساوٍ من الاستقلالية الفردية، بل سيتكون فيها جانب من التبعية سيخل بلا شك بالنزاهة المطلوبة في عملية وضع الدستور.

وقد يقترح أحدهم أن يبدأ البرلمان باختيار نسبة "الأربعين" من داخله أولاً، وبمجرد إعلان أسماء "الأربعين" يحظر عليهم المشاركة مع زملائهم نواب الشعب والشورى في التصويت لنسبة "الستين" الباقية حتى يتم تلافي إشكالية "الازدواج الانتخابي" السابقة.. لكن للأسف هو حل غير دستوري..!

فالمادة 60 من الإعلان الدستوري أوضحت بجلاء أن نواب الشعب والشوري باستثناء فقط الأعضاء المعينين عليهم الاجتماع لاختيار الجمعية التأسيسية.. لذلك لا يصح دستورياً أن يتم حرمان بعض الأعضاء غير المعينين من التصويت.

"وبناء عليه.."

أرى أن يحتاط البرلمان من أي خطوات عبثية وعليه تجنب اختيار أي عضو من بين نوابه بالجمعية التأسيسية نهائياً، فما أخشاه مستقبلاً أن يتم الطعن على دستورية.. الدستور !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق