الصفحات

الأحد، 31 يناير 2010

كأس أفريقيا: فرحة هنا ودموع هناك..!

إنجاز غير مسبوق..

أرقام قياسية تتحطم على صخرة المنتخب..

مصر هي زعيمة الكرة الأفريقية، ولكن..

..

- "لكن إيه؟ اوعى تنكد علينا حرام عليك!"

لن أمسّ فرحة المصريين، فمن حقهم أن يفرحوا ومن حق المسؤولين في مصر أن يشعروا بالافتخار والاعتزاز لكني أتحدث عن كيفية استثمار هذا الإنجاز الرياضي - غير المسبوق – بطريقة غير مسبوقة.

..

- "إزاي يعني؟"

مما لا شك فيه أن مصر (جمال عبد الناصر) تختلف تماماً عن مصر (حسني مبارك) من ناحية البعد الإفريقي وبالتالي نظرة الأفارقة إلى مصر.

تقلص وانكماش ليس مبررين على الإطلاق تجاه المسؤوليات والالتزامات الأفريقية مما أثر بالتبعية على مكانة مصر والتأثير الأخطر كان على الأمن القومي الخارجي.

..

- "يا عم هو في أحسن منا دلوقتي في القارة؟"

عظيم، نحن نتربع على عرش الكرة الأفريقية حالياً، لكن يجب أن يرافق هذا الاستحقاق، مسؤوليات تجاه الأشقاء الأفارقة، فالاحترام الذي يلقاه الأخ الأكبر نابع في المقام الأول من قيامه بواجباته والتزاماته تجاه أشقائه الآخرين وخصوصاً في الأزمات.

..

- "أزمات، أزمات إيه؟!"

لا يجب أن تنسينا نشوة الانتصار حادث الاعتداء المسلّح الذي تعرض له منتخب دولة (توجو) والذي أسفر عن مصرع لاعبين اثنين بالإضافة فرد ثالث من البعثة، وهنا مربط الفرس..!

..

- "آه، دول انسحبوا يا عيني"

ولأن دولة (توجو) قررت الانسحاب من البطولة فقد أصبحت الخسارة مضاعفة.. خسارة فقد مأساوي لأفراد من بعثة منتخبها وخسارة عدم اللعب في البطولة الأهم في أفريقيا.

..

- "طب ربنا معاهم بقى، إيه اللي في إيدينا نعمله؟!"

تستطيع مصر أن تحظى بتقدير واحترام العالم أجمع إذا بادر مسؤولو الرياضة في مصر بدعوة المنتخب التوجولي للعب مباراة ودية مع المنتخب المصري بطل أفريقيا في لفتة طيبة لمسح دموع التوجوليين ومحاولة تعويضهم عما عانوه.

..

- "يا سلام! ده الأفارقة ح يفرحوا بالحكاية دي جداً"

هي بادرة عملية سيتخطى صداها البعد الرياضي ليتلامس مع البعد السياسي، فهي رسالة مباشرة وواضحة وبلغة تفهمها الشعوب الإفريقية ستجعلهم ممتنين كثيراً لهذا الموقف فلا أحد يعلم ماذا يخبئ المستقبل لنا.

الأربعاء، 13 يناير 2010

كنتُ رئيساً..! - قصة قصيرة





ترقب وإثارة تملكاني في ذلك اليوم المهم الذي قررت فيه الترشح في الانتخابات المؤهلة لأعلى منصب سياسي بين أقراني.. رئيس الفصل..!

كان صديقي العزيز (شادي) هو منافسي في الانتخابات، وبالرغم من كون (شادي) يمتلك مميزات عدة ترجح كفته وتعزّز حظوظه إلا أنني كنت واثقاً من الفوز في هذه الانتخابات.. وبسهولة.

لم يكن هذا غروراً مني ولا ثقة زائدة في قدراتي الخاصة ومؤهلاتي الشخصية، بل السبب كان يرجع لأن منافسي كان لديه نقطة ضعف رهيبة من المؤكد أنها ستؤثر على سير الانتخابات..

ببساطة كان (شادي).. مسيحياً..!!

***

كما هو الحال في باقي المدارس فقد كان النظام المتبع في توزيع الطلبة على الفصول حسب الحروف الهجائية إلا أن في تلك الفترة في بداية التسعينيات كانت المدارس المصرية تقوم باستثناء الطلبة المسيحيين من هذا النظام وتجمّعهم في فصل واحد عادة يكون الفصل الثاني في كل سنة دراسية.. بمعنى أنه يكون 1-2 أو 2-2 أو 3-2. (تم إلغاء هذا النظام لاحقاً)

وبالرغم من أن ترتيب اسمي أتى بي في فصل "المسيحيين" (وهو الاسم الذي كان يطلقه الزملاء في الفصول الأخرى على فصل 1-2) فقد كانت ثقتي بالفوز في الانتخابات مرجعها أن زملائي "المسيحيين" والمجمّعين من كافة الفصول الأخرى لم يكن يتجاوز عددهم 14 طالباً مقابل حوالي 26 طالباً مسلماً.

نعم، حسبتها بشكل طائفي بحت..!

مرشح مسلم يتقدم لانتخابات رئاسة الفصل الذي يضم أغلبية مسلمة، فكيف ستكون النتيجة، خصوصاً وأن منافسي مسيحي وسط أقلية مسيحية؟

ها نحن جالسون على مقاعدنا منتظرين الانتهاء من توزيع استمارات التصويت علينا.. وتبدأ عملية الاقتراع.

(لا تسأل عن التصويت خلف ستار حاجب، فهي ليست انتخابات برلمانية..!)

ولأن عملية التصويت كانت شفافة (أكثر من اللازم)، فقد دفعني الفضول للمرور على زملائي أتابع عملية تصويتهم بنفسي..!

ها أنا ألمح (بيتر) صديقي يدلي بصوته ويكتب اسمي في خانة الرئاسة، ازدادت ثقتي بنفسي فكتلة الأصوات المسيحية لم تتحد خلف مرشحها، وأحدهم يختار مرشحاً مسلماً..!

لكن للأسف يتعكر صفو المشهد، فما بدرَ من زميلنا المشترك (حنا) كان صادماً لي..

"إنت ح تنتخبه يا له؟ ده مسلم..!"

هكذا قالها (حنا) في حِدة موجهاً حديثه لـ(بيتر) الذي استشعر حرجاً بالغاً عندما انتبه لوجودي.

انسحبتُ في سرعة، متظاهراً أني لم أسمع شيئاً وانشغلت بأمور أخرى حتى تم تجميع استمارات التصويت لتبدأ عملية فرز الأصوات وإعلان النتيجة..
..
فوز (شادي) في انتخابات رئاسة الفصل..!

مفاجأة؟
..
الحقيقة هي كانت صدمة..!
..
كيف يفوز (شادي) "المسيحي" في انتخابات الفصل ذي الأغلبية "المسلمة"؟

لا يحتاج الأمر لكثير من الذكاء كي أستنتج أن الأغلبية المسلمة لم تتحد خلف "مرشحها" – أنا – وأعطت قسماً ليس بالقليل من أصواتها لـ(شادي).

حساباتي كانت خطأ؟
لم أتوقع النتيجة؟
..
حسناً، انتهت الانتخابات وحدث ما حدث ومبارك للفائز أياً كانت ديانته.
الإنسان لا يتعلم مجاناً، ولابد أن يخوض تجربة تلو الأخرى كي تتطور طريقة تفكيره وفهمه للحياة.
..
كلمات جميلة، أليس كذلك؟
لكن هل تصلح لختام القصة؟
..
الحقيقة أن الكلمات السابقة لا تصلح أن تكون نهاية للقصة ليس لأن الكلمات ليست جميلة بما يكفي.
لكن لأن القصة نفسها لم تنته بعد..!
..
فما حدث في اليوم التالي كان مفاجأة لم تكن في الحسبان..

***

"خلاص يا (شادي)؟"
هكذا ألقى الأستاذ (عبد الحميد) مدرس مادة ( ... )، سؤاله على (شادي) الذي كان يقف بجواري منكس الرأس قبل أن يقول دون أن يرفع رأسه:
- "أيوه يا أستاذ"

ابتسم الأستاذ (عبد الحميد) في ظفر قبل أن يقول:
- "كويس، ح نروح كلنا دلوقتي لأبلة (أمينة) عشان هي اللي عندها الدفتر"

اتجهنا جميعاً يتقدمنا الأستاذ (عبد الحميد) يسير منتفخ الأوداج وكأنه قائد قادم لتوه منتصراً من إحدى الغزوات، وبالفعل أثار مشهدنا ونحن سائرين في الردهة المؤدية إلى حجرة الأبلة (أمينة)، انتباه أحد المدرسين، فصاح قائلاً:
- "هو في إيه يا أستاذ (عبد الحميد)؟"

ردّ الأستاذ (عبد الحميد) بصوت عالٍ دون أن يبطأ من سيره:
- "أغيب يوم عن المدرسة، ألاقي حالها اتشقلب، هُمّا عايزينهم يركبونا ولا إيه؟!"

***

دخلنا إلى الأبلة (أمينة) ولم نمكث داخل غرفتها إلا لعدة دقائق ثم خرجنا عائدين إلى الفصل.
..

"يا ولاد..!"
هكذا هتف الأستاذ (عبد الحميد)، فساد صمت في الفصل انتظاراً لما سيقوله الأستاذ (عبد الحميد) الذي دار ببصره سريعاً في أنحاء الفصل قبل أن يقول:
- "إمبارح كانت انتخابات الفصل، واللي بقى رئيس الفصل هو ميييييين؟"

رد الطلبة على الفور:
- "(شادي)"

هتف الأستاذ (عبد الحميد) قائلاً:
- "تمام، و(شادي) اتنازل النهاردة عن رئاسة الفصل"..!
..

هنا رفع (شادي) رأسه الذي كان منكساً طوال الوقت و نظر لي نظرة لم تسمح لي حينها سنوات عمري القليلة أن أعي معناها جيداً يومها أو حتى طيلة السنة التي كنت فيها رئيساً..!


أسامة صابر
ينايــر 2010

الأحد، 3 يناير 2010

مات، الله يرحمه..!

في الثمانينيات من القرن الماضي حدث أن وزير الداخلية السابق (زكي بدر) صاح في مجلس الشعب قائلاً: "أنا ح ألبّس أحزاب المعارضة طُرح وأقعّدهم في البيت.. !".

فلم يتحمل النائب الوفدي (طلعت رسلان) الكلمة الجارحة التي خرجت من فم الوزير واعتبرها إهانة شديدة للمعارضة فاندفع غاضباً تجاه الوزير، وقام بصفعه على وجهه في واقعة شهيرة يذكرها المصريون جيداً.

تمر السنون ويخرج مجلس الشعب من القرن العشرين إلى الألفية الجديدة ليشهد واقعة جديدة..

وزير المالية (يوسف بطرس غالي) يتحدث عن مشكلة عزبة الهجانة والأبراج السكنية التي بنيت بالمخالفة قائلاً: "الملاك المخالفين بتوع عزبة الهجانة دول أنا ح أطلع دين اللي خلّفوهم..!"

وبالرغم من أن المقولة أكثر تجاوزاً وغير مسبوقة على الإطلاق بالإضافة إلى حساسية موقف الوزير كونه مسيحياً يعيش في بلد غالبيته من المسلمين، فعلى النقيض من الواقعة الأولى لم يعتب عليه أي شخص من الحاضرين في مجلس الشعب ما تفوه به، ورجع الوزير إلى مسكنه هانئاً غير مكترث بأي شيء..!

ولمن أثار انتباهه اختلاف نهايتي الواقعتين، فالتفسير واضح وبسيط..

وهو أن النائب الوفدي (طلعت رسلان) مات..
..
الله يرحمه..!