الصفحات

الاثنين، 4 يونيو 2012

من هو المرشح السري للمجلس العسكري؟

صورة من الفرنسية


"ح تنتخب مين يا عم؟ مرسي ولا شفيق؟ "

السؤال الأكثر شيوعاً في مصر الآن بعد إعلان نتائج جولة الانتخابات الرئاسية التي تجرى كأول انتخابات بعد سقوط مبارك.

والإجابة في غاية السهولة إن كانت نفسك تهوى للتيار "الإسلامي" الذي يمثله هنا الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين فسيحظى بصوتك بطبيعة الحال.. أما إذا كنت ممن نفوسهم تهوى للنظام القديم ولم ينسجموا كثيراً مع الثورة وتداعياتها فسيكون صوتك للفريق أحمد شفيق مرشح.. ... مممم مرشح ماذا؟ المجلس العسكري؟

هل الفريق أحمد شفيق هو مرشح المجلس العسكري أو كما يقولها أهل التحرير.. مرشح العسكر؟

قبل أن أجيبك على على هذا السؤال.. قل لي.. هل أنت من هواة لعبة الشطرنج؟

إن كنت كذلك.. فستسهل مهمتي في توضيح الفكرة التالية..

"خصمك يخطأ ويضع الوزير في مرمى الحصان لديك.. تهمس في عقلك وتقول.. يا له من أحمق.. قبل أن تحرك حصانك ليلتهم وزير خصمك.. وقبل أن تفرح بانتصارك.. تسمع الكلمة التي يكرهها كل لاعب شطرنج.. كش ملك! ..

أها.. الوزير كان مجرد طعم فكشفت الملك لديك ووقعت في الفخ بجدارة .. تهانينا"

إذن الرسالة هنا.. هي  ألا تنخدع بتحركات خصمك ولا داع أن يسيل لعابك لما تراه انتصاراً عليه..
..

لذا لا تتفاجئ عندما أقول لك إن د.محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة هو المرشح السري للمجلس العسكري !

"بلاش شتيمة.. وواحدة واحدة خليك معايا الله يكرمك :) "
..
لاعبو السياسة الكبار لا يتحركون بخطوات مكشوفة وواضحة.. بل يضع لك تخطيطاً زائفاً وآخر مستتراً..

فعندما يستلم الإخوان الرئاسة.. سيتوارى المجلس العسكري في الكواليس كما كان مع مبارك خصوصاً في سنواته الأخيرة..

و..
- يصبح الإخوان كيس رمل لصد أي احتجاجات شعبية.
- لن تسمع هتافات بسقوط حكم العسكر ثانية.. "ممكن تبقى في هتافات بسقوط حد تاني :) "
- يقل الضغط الشعبي بشكل عام على المجلس العسكري، ويتحول إلى ضغط وصراع بين الإخوان والقوى الثورية الأخرى. "وهو المطلوب"

إذن ما فائدة الفريق شفيق هنا إذا كان الدكتور مرسي هو مرشح المجلس العسكري من البداية؟

دوره مهم بالطبع وإلا كانت اللعبة مكشوفة للغاية أمام الجماهير.. فلا تنس أن هناك شريحة من المواطنين بينها الأقباط أثارت من قبل شكوكاً معلنة أن المجلس العسكري "يسلّم البلد للإخوان" وذلك بعد نتائج الانتخابات البرلمانية والتي فاز فيها الإخوان والسلفين بأغلبية المقاعد.

فكان لابد أن "يوهم" المجلس العسكري هذه القطاعات أنه يدفع بمرشح له من باب الطمأنة.. خصوصاً أن إعلان خسارة الفريق شفيق ستكون بمثابة صك وشهادة بنزاهة المجلس العسكري في إدارة العملية الانتخابية.. فمن كان يتصور أن يخسر "مرشح العسكر" وأمام من؟ الإخوان المسلمين؟

"فاكر لما اللجنة العليا للانتخابات استبعدت عمر سليمان اللي كان بيتقال عليه مرشح العسكر برضه؟ الناس ساعتها قالت.. فعلاً اللجنة نزيهة"

المجلس العسكري لن يغامر بفوز شفيق على الإطلاق.. وإن شعر بأن اللعبة خرجت عن حدود السيطرة وارتفعت شعبية الفريق شفيق بالفعل (دون قصد).. فسيجبره على الانسحاب من السباق أمام مرسي على الفور..!

فأي شخص عاقل يدرك أن فوز شفيق سيكون بمثابة كارثة على المجلس العسكري الذي سيكون خصومه الإخوان وينضم له أنصار المرشح الخاسر د.أبو الفتوح وأنصار المرشح المستبعد الشيخ حازم أبو إسماعيل وأيضاً أنصار المرشح حمدين صباحي.. في نذر ثورة جديدة ستكون - في تقديري- هي أقوى من ثورة يناير بكثير..!

في حين أن كل هؤلاء سيذوبون دهشة من فوز مرسي ومنهم من سيبادر بشكر المجلس العسكري على حسن إدارته للفترة الفائتة ومنهم من سيعترف بشرعية الرئيس الجديد دون شكر العسكري ومنهم من سيكون محايداً.

لكن ماذا لو حاول الرئيس محمد مرسي التمرد على المجلس العسكري بإيعاز من مكتب الإرشاد؟

ببساطة يستطيع الجيش كشف الرئيس للقوى الثورية "الكارهة للإخوان" بالسليقة وعدم حمايته منها.. و.. تعرفون الباقي !

أعلم أن البعض لا يستسيغ الفكرة... منطلقاً من استهجان أن المجلس العسكري سيترك شخصاً من الإخوان يقود البلاد ويصبح العسكري تابعاً له..!

والرد على هذا هو أن المجلس العسكري يدرك جيداً أن دوره لن ينتهي وسيكون له وضع خاص أقوى مما كان في دولة مبارك.. أو كما نقول بالبلدي.. "حاطط في بطنه بطيخة صيفي"..

ولك أن تتذكر أن في عهد مبارك وقبل أي انفلات أمني.. كان الجيش هو المنوط بنقل وتأمين أوراق امتحانات الثانوية العامة على سبيل المثال.. هل تتخيل هذا؟ دولة مبارك بكل جبروتها وجبروت حبيب العادلي وزير داخليته لم يكونا بالقدرة الكافية على تأمين امتحانات مدارس..!

فما بالك كيف سيكون الأمر الآن والحال أسوأ ولعدة سنوات قادمة؟

أما بالنسبة للرأي العام العالمي.. فلا تقلق.. إسرائيل نفسها في قمة سعادتها بسيطرة حماس على قطاع غزة وانخفاض عدد الصواريخ المنطلقة نحوها على عكس السابق مع حكم فتح !

ومن جهة أمريكا فأرجو أن تتذكر تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عقب الإطاحة بمبارك.. أنها لا تمانع "باستمرار" الاتصالات مع جماعة الإخوان بعد الثورة ورد مرشد الإخوان عليها أن جماعته ترحب "بالاتصالات" مع أمريكا.
..

الجيش هو العمود الفقري لمصر وواهم من يقول إنه ستكون هناك سلطة تمارس أي هيمنة عليه لعدة سنوات قادمة حتى ولو كانت سلطة الرئيس.. محمد مرسي !