الصفحات

الأحد، 7 مارس 2010

مرارة (مبارك).. جراحة أم لعبة سياسة؟



مهما ادعى العكس فمما لا شك فيه أن الرئيس المصري (حسني مبارك) غارق في قلق بالغ هذه الأيام..!



..




الدكتور (محمد البرادعي) عاد أخيراً إلى وطنه مصر، والأخبار غير المؤكدة عن ترشحه للرئاسة أصبحت أكثر تأكيداً عندما أعلن بنفسه ذلك.. بل لم يكتف بإعلان ترشحه فحسب بل ضغط مطالباً بتعديل الدستور المصري مما شكل ضربة دستورية لأركان نظام الرئيس (مبارك).





وعلى الرغم من أن مطالبات الدكتور (البرادعي) ليست بالجديدة فهي تصدر ليلاً ونهاراً من جميع قوى المعارضة المصرية إلا أن الاختلاف يأتي من السمعة الدولية والثقل السياسي العالمي اللذين ارتكن عليهما الدكتور (البرادعي)، وهذه النقطة خصوصاً هي التي تسبب حساسية شديدة لدى الرئيس (مبارك).

ففي السنوات الأخيرة بات (مبارك) متيقناً تماماً من اضمحلال شعبيته الجماهيرية مع تزايد حالات عدم الود التي يكنها شعبه تجاهه وهذا يظهر ببساطة في الارتفاع الملحوظ والمبالغ به في حجم أفراد الأمن المكلفين بحراسته حتى لو كان متواجداً داخل مبنى من المفترض أنه مؤمن جيداً..!


وقد استطاع (مبارك) - مضطراً - أن يحل مشكلة عدم رضاء الشعب عنه بأن يرتكن إلى شعبيته الدولية وثقة القوى العالمية في متانة نظامه السياسي وقوة سيطرته على مقاليد الأمور وبالتالي استقرار المصالح السياسية والاقتصادية لتلك القوى الدولية.

والمتتبع لأنشطة (مبارك) في السنوات الأخيرة يجد أن زياراته الخارجية للدول الأجنبية تخطت في مراتها عدد زياراته لمحافظات وطنه..، وكذلك بات يسمح بإجراء لقاءات ومقابلات إعلامية أجنبية معه أكثر من لقائاته مع إعلاميي بني وطنه..!

ولنا أن نتذكر أن " أول " تعليق لـ(مبارك) على حادث مقتل السيدة (مروة الشربيني) والذي أثار غضب المصريين، كان مع صحفية إسرائيلية تنتمي لجريدة يديعوت أحرونوت على الرغم من كون الحادث يهم المصريين في المقام الأول..!

ليس هذا فحسب بل كان " أول " تعليق لـ(مبارك) على إعلان عزم الدكتور (البرادعي) على ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة، كان رداً على سؤال وجهته صحفية ألمانية على الرغم أيضاً من كون الأمر يعد شأن مصري داخلي..!

ولهذا لم يمثل إعلان الدكتور (البرادعي) الرئيس السابق لوكالة الطاقة الدولية والحاصل على جائزة نوبل، أي قلق داخلي لـ(مبارك) بل كان القلق خارجياً خصوصاً عندما تطرقت وسائل الإعلام الأجنبية إلى مسألة سن الرئيس المتقدمة، وكذلك حالته الصحية متسائلين إن كانت ستمكنه من الصمود لنهاية الفترة الرئاسية الحالية والتي يتبقى عليها ما يقرب من عام ونصف.

فما الحل؟
الحقيقة أن (مبارك) لعبها سياسياً بمهارة واستغل متاعب الحوصلة المرارية التي اشتكى منها مؤخراً في بعث رسالة سياسية للطرف الذي يعمل له ألف حساب وحساب وهو العالم الخارجي.

المرض عادي ويعاني منه مصريون كثيرون، وحتى لو قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لاستئصال المرارة فهي عملية عادية تندرج تحت نوعية جراحات اليوم الواحد وكان من الممكن إجراء تلك العملية الجراحية " البسيطة " داخل مصر، لكن إن كان تم ذلك فالدول الخارجية صاحبة المصالح لن تطمئن إلى أن الأمر مجرد " مرارة " وستتصاعد التكهنات والشكوك خاصة وأن سجل مصر في التعتيم على الحالة الصحية للرئيس (مبارك) به سوابق شهيرة وآخرها الإشاعات عن صحة الرئيس التي تطرق إليها رؤساء تحرير مصريون والذين أفلتوا من عقوبة الحبس في عام 2007.

لذا كان لابد من إجراء العملية في مستشفى عالمي شهير ليس لأن المستشفى تتوفر به الإمكانات الطبية المتقدمة فكما ذكرنا سابقاً، العملية الجراحية لا تستحق السفر لخارج مصر من الأساس، لكن السبب هو أن المستشفى يتبع دولة ألمانيا وهي من ضمن " الفريق " الذي يوجه إليه (مبارك) رسالته السياسية. 

وما هي تلك الرسالة؟
في الواقع هي رسالتان وليست رسالة واحدة..

الأولى تقول:
"ها هو بدني أمامكم، افحصوه كيفما شئتم وتحققوا من خلوه من أي أمراض خطيرة تمنعني من استكمال فترتي الرئاسية حتى نهايتها .. على الأقل"..!

أما الرسالة الثانية فتقول:
"اطمئنوا، في حالة غيابي.. يوجد رئيس وزراء وقد تولى مهامي الرئاسية أثناء مرضي بشكل سلس"..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق