الصفحات

السبت، 20 أكتوبر 2012

رسالة من مواطن مصري إلى شيمون بيريز


صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل..

آمل أن تصلك رسالتي هذه وأنت في أتم صحة وعافية.. ودعني أوضح في البداية أن هذه الرسالة ليست موجهة إلى سيادتكم في الأساس ولكني أتعشم أن تتكرم بإيصالها إلى صديقك الوفي السيد محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية لعله يسمع منك كصديق مقرب له حيث إنني فقدت الأمل أن تصل إليه رسالتي فأنا مجرد مواطن في دولته ولكني لسوء حظي لا أنتمي لجماعته !

السيد بيريز..
ليس خافياً عليك ما يتصل بالشأن المصري من احتقان سياسي لم ينته بانتخاب صديقك مرسي رئيساً لمصر ولكن استمر بدرجات متفاوتة.. وكان آخرها أزمة النائب العام الذي فشل الرئيس مرسي في إقالته وكذلك أزمة اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور التي يتوقع لها أن تحل  بحكم قضائي في الأيام القليلة القادمة.

ولذا أطلب منك معالي الرئيس الإسرائيلي أن تهمس في أذن صديقك الرئيس مرسي بهذا الحل الذي يعد - في تقديري - مخرجاً لما تمر به مصر من أزمات سياسية خصوصاً إذا حكم القضاء بعد أيام بحل اللجنة التأسيسية المخولة بكتابة الدستور فساعتها سنواجه التالي:

- حسب الإعلان الدستوري ستنتقل مهمة تشكيل لجنة تأسيسية جديدة إلى الرئيس مرسي.
- سنعود إلى ما قبل المربع صفر.. ففي المرة الأولى والثانية كان الإخوان أكثرية وليسوا أغلبية فاضطروا لشيء من التوافق مع قوى سياسية أخرى لتشكيل اللجنة.
- أما الآن فسيصبح تشكيل التأسيسية بيد فرد واحد فقط وهو الرئيس مرسي أي بنسبة 100% إخوان.
- هل ستقبل القوى المعارضة للإخوان أن تتعاظم السلطات في يد الرئيس مرسي بهذه الطريقة.. (السلطة التنفيذية - السلطة التشريعية - سلطة التحكم في الدستور) في سابقة لم تحدث حتى مع الرئيس السابق مبارك؟!

فما هو المخرج؟
..
"مجلس تشريعي مصغر"!

يستغل الرئيس مرسي الزخم الذي سينشأ إذا صدر قرار للمحكمة بحل التأسيسية.. ويقوم بمناورة سياسية من العيار الثقيل.. فعلى خلاف توقع الجميع أن مهمة تشكيل التأسيسية ستنتقل إليه آلياً.. يفاجئهم هو بقرار استباقي ويشكل مجلساً تشريعياً مصغراً لا يزيد عدد أعضائه عن 150 عضواً.. ويفوضه الرئيس مرسي في سلطة التشريع التي حصل عليها في ظروف استثائية أثارت عليه الانتقادات التي ستزداد بكل تأكيد إذا تم حل التأسيسية. فصياغة الدستور ستتأجل وبالتالي تتأجل الانتخابات البرلمانية ويضطر الرئيس مرسي لاسخدام سلطة التشريع لمدة أطول وبشكل أوسع وفي هذا خطر كبير عليه هو في المقام الأول.

والحنكة السياسية هنا لن تظهر في فكرة تكوين هذا المجلس الاستثنائي فقط ولكن في كيفية تشكيله.. فإذا كان الرئيس مرسي خسر معركتين مع القضاء مرة مع المحكمة الدستورية التي أبطلت قراره بإرجاع مجلس الشعب ومرة مع النائب العام الذي فشل في إبعاده.. فيجب على الرئيس مرسي إتباع سياسة الاحتواء.. 

مجلس تشريعي يكون قوامه الأساسي من قضاة ودستوريين ويتم فيه تعيين واختيار المعارضين لمرسي قبل المؤيدين له ولا عجب في ذلك إذا كنت سياسياً محترفاً.. فبهذا تكون أعطيت التقدير لكافة الهيئات القضائية من دستورية أو نيابة عامة أو إدارية بشرط تعليق مهامهم الوظيفية والتفرغ لأعمال المجلس.

وإذا كنت أكثر مهارة في ممارستك للعبة السياسة فعليك بتطعيم هذا المجلس التشريعي ببعض الحقوقيين والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني في مصر.. 


وبالطبع ستكون الغلبة للمؤيدين للرئيس في النهاية ولكن اللعبة هنا هي إعطاء التقدير السياسي لخصومك فإن لم تستطع أن تكسبهم فعلى الأقل يمكنك استيعابهم و.. تحييدهم.


لذا بتكوين هذا المجلس التشريعي المصغر يكون قد تجنب الرئيس مرسي "بحركة" ذكية الانتقادات المثارة حول جمعه بين سلطتي التنفيذية والتشريع وهنا ننتقل لمستوى أعلى في اللعبة..!

"إصدار إعلان دستوري جديد"
بعد أن يتشكل المجلس التشريعي يقوم أعضاؤه بإصدار إعلان دستوري جديد يشبه دستوراً مؤقتاً بهدف تنظيم الحياة السياسية في مصر خلال الفترة المؤقتة والاستثنائية التي نعيشها الآن دون دستور توافقي يرتضيه غالبية المصريين.

الإعلان الدستوري الجديد سيتضمن أمرين جديدين..
     - تكليف المجلس التشريعي (وليس الرئيس) بتشكيل اللجنة التأسيسية الجديدة للدستور الدائم.
     - الصلاحيات والقواعد المنظمة للانتخابات البرلمانية.. (مجلس الشعب وكذلك الشورى إذا تم حله وهو أمر متوقع)، وأيضاً انتخابات المحليات.

الإعلان الدستوري الجديد سيكون صادراً من مجلس تشريعي يمثل كافة القوى السياسية في مصر المؤيدة والمعارضة للرئيس والأهم أن المحكمة الدستورية ستكون ممثلة فيه من البداية فلا مجال للطعن فيه أو في ما يصدر عنه من قرارات أو تشريعات أو لجان مشكلة.

مصر تمر بأزمة حقيقية.. والخشية أن تسقط في دوامة لا قعر لها.. والرئيس مرسي يستطيع كسر هذه الدوامة بالبدء في تشكيل المجلس التشريعي المصغر كي يكون "المنطقة الخضراء" التي تلم شمل الفرقاء في مصر.. منطقة خضراء تعطي كافة القوى التوقير الملائم. وتكون نواة لمصر الجديدة.

السيد بيريز العزيز..

انتهت الرسالة فأرجو أن تعيد إرسالها لصديقكم العظيم.. ونحن نعلم جيداً مدى حرصك على صداقتك القوية مع الرئيس المصري محمد مرسي وأنك تتمنى له السعادة ولبلاده الرغد.